بصفتي متابعًا للتطورات التشريعية في الكويت، أجد من الضروري أن أضع بين أيديكم هذا الشرح التفصيلي للتعديلات الصادرة في الجريدة الرسمية (الكويت اليوم – العدد 1742) بتاريخ 8 يونيو 2025، والتي شملت مجموعة من المراسيم بقوانين هامة طالت قانون المرافعات، والدعاوى قليلة القيمة، والعلم الوطني، والحضانة العائلية، وتحصيل الرسوم. أتناول في هذا المقال تحليلًا لما ورد نصًا وما تم توضيحه في المذكرة الإيضاحية الرسمية، مستندًا إلى ما تم تمييزه وتضليله في النص الأصلي – المرفق في نهاية المقالة
أولاً: تعديلات قانون المرافعات المدنية والتجارية (مرسوم بقانون رقم 71 لسنة 2025)
- تعديل المادة (29): رفع سقف اختصاص المحاكم الجزئية التعديل ينص على استبدال عبارة “دينار ألف” بعبارة “دينار ألفي”، ما يعني أن الدعاوى التي لا تتجاوز قيمتها 2000 دينار أصبحت من اختصاص المحاكم الجزئية. هذا التعديل جاء استنادًا إلى إحصائيات تشير إلى أن أكثر من 75% من القضايا المنظورة تقع ضمن هذا النطاق، وهو ما من شأنه تخفيف العبء عن المحاكم الكلية وتبسيط إجراءات التقاضي.
- المادة (166): تنظيم أمر الأداء كإجراء جوازي لا وجوبي التعديل جعل من أمر الأداء طريقًا اختياريًا وليس إلزاميًا، بحيث يمكن للدائن المطالبة به فقط إذا كان الدين نقديًا وثابتًا بالكتابة، ولا يشمل الديون المتعلقة بالمنقولات أو التي تحتوي على فوائد تأخيرية. الهدف من هذا التعديل هو الحد من استغلال أمر الأداء في دعاوى لا تتناسب مع طبيعته، وضمان أن يكون مخصصًا للديون القطعية فقط.
- المادة (167): تعديل مهلة التكليف بالوفاء واعتماد وسائل التبليغ الحديثة تم تعديل الفقرة الأولى لرفع المهلة من خمسة أيام إلى عشرة أيام، وهو تعديل منطقي نظرًا لازدياد أعباء الأعمال وصعوبة التواصل السريع. كما أُجيز استخدام وسائل إلكترونية حديثة (مثل البريد الإلكتروني أو تطبيق “سهل”)، مما يعكس رغبة المشرع في تبني التحول الرقمي.
- المادة (169): اعتماد الإعلان الإلكتروني رسميًا نصت المادة المعدلة على أن الإعلان عبر البريد الإلكتروني أو أي وسيلة إلكترونية حديثة يُعد كالإعلان الشخصي. هذا التعديل جاء نتيجة لما استقر عليه قضاء التمييز، وهو ما يسهم في تقليص الطعون المتعلقة بصحة الإعلان وتوفير الجهد والوقت.
- المادة (170): تنظيم شامل لحق التظلم من أمر الأداء تم الإبقاء على الفقرة الأولى، واستبدال الفقرة الثانية وإضافة ثلاث فقرات جديدة. من أبرز ما جاء:
- يجوز التظلم خلال عشرة أيام من إعلان الأمر.
- يجوز للمحكمة بحث موضوع النزاع وليس فقط الشكل.
- الحكم الصادر في التظلم قابل للاستئناف، بينما أمر الأداء نفسه لا يُستأنف.
هذه التعديلات تعكس توجهًا واضحًا لتقوية ضمانات المتقاضي دون الإخلال بسرعة الفصل.
ثانيًا: تعديلات قانون الدعاوى قليلة القيمة (مرسوم بقانون رقم 72 لسنة 2025)
المادة (1): رفع الحد الأقصى لقيمة الدعوى من 1000 إلى 2000 دينار، اتساقًا مع التعديل السابق في قانون المرافعات.
المادة (2): السماح بالإعلان عبر البريد الإلكتروني أو الوسائل الإلكترونية، مع اعتبار الإعلان الإلكتروني بمثابة الإعلان الشخصي، مما يسرّع من سير الإجراءات.
المادة (9): تبسيط شكل الأحكام في هذه القضايا:
إذا تم قبول جميع طلبات المدعي، لا يشترط تسبيب الحكم.
الحكم في هذه الدعاوى يعتبر نهائيًا ولا يقبل الاستئناف (وفق المادة 192 من قانون المرافعات).
ثالثًا: تعديل قانون العلم الوطني (مرسوم بقانون رقم 73 لسنة 2025)
أُضيفت مادة جديدة (مكررة ثالثة) تحظر رفع أعلام الدول الأجنبية أو أعلام الطوائف أو القبائل أو الفئات الاجتماعية والدينية داخل الكويت في غير الحالات المرخص بها.
يُستثنى فقط الحالات التي يحددها وزير الداخلية مثل الفعاليات الرياضية أو المناسبات الدبلوماسية.
– فرض عقوبات مشددة تصل إلى السجن والغرامة (حتى 10,000 دينار كويتي)، مع مضاعفة العقوبة في حال العود.
– حظر رفع الاعلام التي تشير الى فئات او احزاب دينية او دول اجنبية بالمناسبات لتلك الدول في الكويت او رفع العلم بشكل ممزق او غير صحيح ورتب عليه الحبس لمدد تتراوح بين 3 اشهر الى 3 سنوات او الغرامة
رابعًا: تعديل قانون الحضانة العائلية (مرسوم بقانون رقم 74 لسنة 2025)
شملت التعديلات 6 مواد جوهرية، أبرزها:
– توسيع تشكيل لجنة الحضانة بإضافة ممثلين عن وزارة الخارجية والمجلس الأعلى لشؤون الأسرة.
– تحديد انتهاء الرعاية تلقائيًا ببلوغ السن أو الزواج أو عدم الالتزام.
– تنظيم أوضاع الأبناء مجهولي الأبوين أو من أم غير كويتية.
– توفير سكن خاص وفرص عمل للأبناء بعد بلوغهم سن 21 عامًا، في إطار دعم استقلالهم المعيشي.
خامسًا: مرسوم بقانون رقم 75 لسنة 2025 بشأن تحصيل الرسوم والتكاليف المالية
هذا القانون جاء ليسد ثغرة تأخر سداد الرسوم مقابل الخدمات العامة. أهم ما تضمنه:
– وقف الخدمات الحكومية عن المدين بعد إنذاره وعدم السداد خلال 30 يومًا.
– إمكانية تقسيط المديونية بقرار من الجهة الدائنة.
– اعتبار المستند الثابت به المديونية والصادر من تلك الجهة بمثابة سندًا تنفيذياً واجب النفاذ.
– قام برفع مدد التقادم في الديون المستحقة للجهات الرسمية بجعلها مدة طويلة تصل الى 10 سنوات من تاريخ استحقاق المديونية .
خاتمة:
تعكس هذه الحزمة من القوانين توجهًا تشريعيًا جادًا نحو تطوير المنظومة القضائية والإدارية في الكويت، عبر تحسين الكفاءة، وتعزيز العدالة، ومواكبة الرقمنة، وترسيخ الانتماء الوطني واحترام النظام العام.
هذه التعديلات ليست مجرد تغييرات في الصياغة، بل هي إصلاحات جوهرية تستحق التقدير.
للإطلاع على التعديلات برجاء الضغط هنا